بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على اشرف المرسلين
و بعد...
هو كعادته يجلس صامتا كصنم بينما ينتظر القطار في احد محطات الحياة الكثيره ، بدا الامر للوهله الاولى بأنه غير مختلف عن المرات التي سبقت انتظاراته العديده التي كانت تنتهي برحيله دون الصعود في ذلك القطار.
|
عرين الصمت |
كان مشوش الافكار و مضطرب بغير سبب ، كان يكيل في داخله آلاف الآلاف من مشعار الحقن و الغضب لما يدور حوله ، لكن صمته المفرط كان يكبله فلا تعرف له ملامحه محدده و لا انفعالات واضحه.
كان يغرق في الافكار بينما كان القطار يعلن عن رحيله مجددا و كالعاده تاركا اياه على رصيف المحطه في عرين الصمت صنما بلا قيمه ، تتقاذفه ايادي العاملين في المحطه من مكان الى اخر دون ادنى مقاومة منه ، و لا حتى استياء.
هو اعتقد بذلك انه ينتظر القطار الاخر و لم يعلم بان هذا القطار كان الاخير و ان عصر القطارات البخارية ولى و ان زمانه قد ولى مع تلاشي دخان القطار اللذي فاته توا.
سيبقى ينتظر حتى آخر عمره في هذه المحطه دون جدوى ، و لكي انقذه من خيبات امله المتكرره علي ان اتكلم معه و ان اقنعه ، هذا ما يجب فعله .....
فجأه و دون سابق انذار يدوي في المكان ضجيج رهيب لصمته لا يعرف حتى هو معنى له ، ياله من غباء ما يحدث لي ، كيف يمكن ان تكون هذه هي النهاية ، هو قطعا لم يرد هذه النهاية و لا يوافق على مثل هذه الخواتيم ، يال سخرية القدر و ما جلبه لهذه النهايه .
كم كنت اتمنى لو انه لحق بالقطار او حتى التفت اليه و لم يشرد طويلا اثناء انتظاره .
غادر المحطه يا صديقي و لملم شتاتك علك تجد في نفسك ما يعينك على البقاء حيا تلفظ انفاسك بانتظار الموت في عرين صمتك.
و الحمد لله رب العالمين